« الشّيخ الصّالح المـــعتقد البركة المزار العربي بن حمو الفاسي المغربي » هو من تلامذة الشيخ « علي عزوز » دفين زغوان، ويشتركان في الأصل الجغرافي، فكلاهما مغربي من مدينة فاس. ويشتركان في ما تتناقله الرواية الشعبية من مسيرة حافلة بالصعوبات إلى حين الإستقرار، ذلك أنّ » الشيخ علي عزوز » جاب البلاد التونسية بحثا عن محطّ ومُستقر، فتنقّل بين بلد طبربة والحاضرة وسوسة ولم يلق فيها الترحاب، إلى أن اختار بلد زغوان محطّ الأندلسيين المُهجّرين حديثا أين ذاع صيته وحاز تقديسا وتبجيلا من البايات المراديين الذين شيّدوا له زاوية، وتواصل تبجيله من طرف حسين بن علي مؤسس الدولة الحسينية.
أمّا « العربي بن حمّو » فتشير الروايات إلى أنّه عايش شيخه وتتلمذ عليه وبلغ درجة الولاية ممّا أهّله للخروج من زغوان لتأسيس زاوية خاصة وجمع المريدين. وفي رحلته من زغوان مرّ ببلد طبربة لكنّه قوبل بالرفض فواصل المسير نحو « بلاد النخلة »، وهي كنية أخرى لبلد رأس الجبل، فوجد ترحابا وقبولا فكانت محطّ استقراره، وأسس زاويته على الأطراف الجنوبية للبلد قريبا من المجال الحرفي وأفران « الفخاخرية »، وأصبح الوليّ الحامي لرأس الجبل وأصبحت زاويته أهمّ زاويا البلد. عاش الشيخ ببلد رأس الجبل خلال النصف الاول من القرن الثامن عشر، حيث تؤرخ وفاته بسنة 1759م، وتتزامن هذه الفترة مع الاضطرابات السياسية والصراعات العسكرية التي شهدتها أغلب جهات البلاد التونسية في إطار الصراع « الحسيني الباشي »، غير أنّ رأس الجبل ومحيطها كان في مأمن من هذه الأحداث، فلا عجب أن يربط الأهالي ذلك ببركة « الشيخ العربي ».
أمّا فيما يتعلّق بالمعلم، فيمكن الدخول إليه عبر بابين، باب رئيسيٌّ كبير مقوّس الشّكل يتوسّط الواجهة الجوفيّة للزّاوية، وباب ثان في الجدار الشرقي مخصص لدخول النساء. ويمثّل مُركبّا معماريا متكاملا، حيث يحتوي على قاعةٌ جنائزيّةٌ تضمّ ضريح الوليّ وصحن ومسجد وكتّاب وميضــأة وغرف للطّلـــــبة ومطبخ وغرفة خزن. وما يتميّز به المعلم هو تعدد الزخارف وتنوّعها فأرضية السقيفة والصحن مبلطة بمربعات من الرخام الأبيض الإيطالي، في حين كُسيت الجدران بالمربعات الخزفية المستوردة التي ترجع للقرن التاسع عشر. في خصوص الغرفة الجنائزية أو « بيت الضريح » فقد أفردت بمدخل من الكذّال على شكل باب خارجي يحيط به إطار من مربعات خزفية من إنتاج « القلالين »، أمّا من الداخل ا فالجدران مكسوة بالمربعات الخزفية الإيطالية، ويتميّز القبو الأوسط بوجود تابوت يشير إلى ضريح الشيخ، وهذا الفضاء هو الأكثر زخرفة حيث يكسو الجزء الأسفل من الجدران لوحات متماثلة مؤلفة من مربعات خزفية محلية من إنتاج « القلالين »، في كلّ لوحة مزهرية وتشكيلة من الزخارف النباتية يطغى عليها اللون الأزرق. أمّا الجزء العلوي والقبّة التي تعلوه فقد ازدانت بزخارف جصيّة « نقش حديدة »، تكوّنُ في مركزها نجمة زخرفيّةً ضخمةً ذات ثمانية فروع تمتدّ إلى رقبة القبّة، وتتفرّع عنها ثمانية مثلّثات زخرفيّة تحتوي على زخارف متشابكة ومتعدّدة الأشكال المتنوّعة الهندسيّة والنّباتيّة، وترتكز هذه القبّة على رقبة دائريّة مغشّاةٍ بمجموعةٍ من الطّاقات المقوّســــة مــن النّقــــــوش الجصيّة تأخذ شكل محاريب.











































Aucune réponse